عقب نهاية الحرب الأهلية الأميركية سنة 1865 والتي تسببت في سقوط ما يزيد عن 600 ألف قتيل عادت سلطات الولايات المتحدة الأميركية لتركز على التوسع نحو غربي البلاد عن طريق تحفيز الهجرة إليها. وفي مقابل ذلك واجه الأميركيون مشكلة السكان الأصليين الذين تواجدوا بكثافة بهذه المناطق.
خلال تلك الفترة عرف عن قبائل السكان الأصليين اعتمادهم المكثف على حيوان البيسون الأميركي (American Bison) والذي لعب دورا مركزيا في ضمان بقائهم وصمودهم بغرب البلاد حيث مث ل البيسون الأميركي مصدر غذاء رئيسيا لهذه القبائل، والتي لم تتردد في صيده للتغذي على لحمه واستغلال جلده.
رسم تخيلي لأحد السكان الأصليين أثناء صيده لبيسون أميركي
وفي الأثناء عانت السلطات الأميركية من انتشار حيوان البيسون الأميركي بالمنطقة فبالتزامن مع قدومهم نحو غرب البلاد جلب المهاجرون الأوروبيون معهم ماشيتهم والتي كانت في الغالب عبارة عن أغنام وبقر وبسبب الأعداد الكبيرة لحيوان البيسون الأميركي عانى المهاجرون من نقص فادح في المراعي والأراضي الخصبة، والتي مثلت عاملا أساسيا لبقاء وتكاثر حيواناتهم.
صورة معاصرة لأحد حيوانات البيسون الأمريكي
لمجابهة كل هذه الإشكاليات اعتمدت السلطات الأميركية استراتيجية تقضي بإبادة حيوان البيسون الأميركي وإقصائه من المنطقة، وبناءً على ذلك اتجه آلاف الصيادين المدعومين من قبل الجيش الأميركي، نحو غربي البلاد لتبدأ بذلك إحدى أسوأ عمليات إبادة الحيوانات على مر التاريخ.
خلال يوم كان الصياد الواحد قادرا على قتل ما يزيد عن 100 بيسون أميركي وبسبب ذلك قد رت أعداد هذا الحيوان التي كانت تباد يوميا بالآلاف.
جندي أمريكي قرب بقايا الآلاف من حيوانات البيسون الأمريكي
فضلا عن ذلك رو ج المسؤولون بشركات السكك الحديدية لنوع جديد من السياحة ومن خلاله يتم تزويد المسافرين مقابل بضعة دولارات ببنادق صيد ليقدموا على إطلاق النار تجاه حيوان البيسون الأميركي انطلاقا من نوافذ عربات القطار أثناء عبورهم بغرب البلاد.
أثناء فترة الإبادة والتي انطلقت مطلع سبعينيات القرن التاسع عشر، اتجه الصيادون لقتل حيوان البيسون الأميركي للحصول على جلده لبيعه مقابل مبالغ تتراوح بين 3 و50 دولاراً للجلد الواحد حيث تسابقت المصانع للحصول على جلد البيسون الأميركي لاستخدامه في صناعة أحزمة الآلات والأقمشة. وعقب سلخهم للجلد يترك الصيادون ما تبقى من هذا الحيوان، ليتعفن قبل أن يعودوا لاحقا لجمع عظامه والتي اعتمدت حينها لصناعة الأسمدة.
صورة التقطت أواخر القرن التاسع عشر لعملية جمع جلود الآلاف من البيسون الأمريكي
قبل بداية عملية الإبادة، قدرت أعداد البيسون الأميركي بالسهول الكبرى بأكثر من 30 مليون لكن مع حلول أواخر القرن التاسع عشر تراجع هذا العدد بشكل لافت للانتباه لينزل إلى ما دون الألف.
بسبب هذه السياسة كاد حيوان البيسون الأميركي أن ينقرض وفي الأثناء حققت السلطات الأميركية طموحاتها من خلال حملة القضاء على هذا الحيوان والتي ساندها بطل الحرب الأهلية الجنرال فيليب شيريدان (Philip Sheridan).
صورة التقطت سنة 1892 لجبال من عظام البيسون الأمريكي في انتظار نقلها نحو أحد مصانع ولاية ميشيغان لتحويلها لسماد
فبسبب تراجع أعداد البيسون الأميركي وجهت السلطات الأميركية ضربة قاضية للسكان الأصليين الذين حرموا من أهم مواردهم الغذائية لتجبر بناء على ذلك نسبة كبيرة منهم على ترك أراضيها والتنقل نحو المحميات هربا من الجوع ليقعوا تدريجيا في تبعية للسلطات الأميركية، التي وفرت لهم الطعام بالمحميات، فاقدين بذلك حريتهم.
رسم تخيلي لقيام عدد من المسافرين الأمريكيين بقتل حيوان البيسون انطلاقا من نوافذ عربات القطار
صورة تجسد عملية نقل عظام حيوان البيسون الأمريكي عن طريق القطار نحو المصانع لتحويلها لسماد
الجنرال الأمريكي فيليب شيريدان
تعليقات الزوار | اضف تعليق