رست في ميناء غزة ثالث سفينة عنوان رحلتها، وسابقتيها، كسر الحصار الاسرائيلي على الفلسطينيين (وليس فقط على "حماس")... وفي هذا الحدث المستجد اكثر من عبرة ودلالة، لنا، نحن العرب في كل مكان..
بدايةً، يستحق منا المتضامنون الأجانب الشجعان أصدق تحية وتقدير، مع التذكير بأنهم ليسوا عربًا ولا مسلمين،وقد عل مونا وعل موا اسرائيل درسًا، بل دروسًا في التضامن الفعلي وليس الكلامي التظاهري (على شاكلة "قلوبنا معكم") علمًا بأن كثيرين منهم مهنيون في الطب وغيره، وبرلمانيون ووزراء سابقون حملوا معهم ما أمكن من الأدوية والأجهزة الطبية وحاجيات أخرى، وعالجوا مرضى حرموا من العلاج بسبب الحصار الخانق، بل انهم حين يغادرون يصطحبون معهم عددًا متيسرًا من الطلاب الدارسين في الخارج، والعالقين بسبب الاجراءات التعسفية.
وعلمونا وعلموا المحتل ين دروسًا ابداعية في تحد ي الأخطار وكسر الحصار، حتى "اضطرت" اسرائيل، ثلاث مرات (ع زيادة)، إلى التراجع والتلعثم ازاء هذا التحدي العظيم متذرعة بأنها لا تريد ان تنجر خلف "الاستفزازات".. فهل ادرك العرب والمسلمون ان المحتل ليس غولاً رهيبًا لا يتورع عن اغراق سفن تحمل مسافرين؟
يوم خرجت الملايين الى شوارع طهران تنادي بسقوط الشاه وقدوم الخميني، خاف الخوافون من ان يطلق جيش الشاه النار على الجموع، لكن الجنود حين رأوا ناسهم وأهلهم عن بكرة ابيهم في الشوارع والميادين، انضموا الى المتظاهرين أو وقفوا جانبًا – فما من جبروت يستطيع ان يتحدى ارادة الملايين.
هل يأتي يوم يحزم فيه "القادة الأشقاء" العرب أمرهم، وينضمون إلى "الأشقاء الاجانب" في كسر الحصار ورفع الضيم والظلم عن المعذبين في الأرض العربية، فلا يتصد ون للمتضامنين المتوجهين برًا إلى القطاع (اسألوا النظام المصري).
المتضامنون اطلقوا على السفينة الثانية اسم "الأمل" وعلى الثالثة اسم "الكرامة"..
فما أجمل وأبلغ هاتين التسميتين، لكنني أتساءل بحسرة وألم وأسى: هل وصلنا الى درجة أننا نستمد كرامتنا من "الآخرين"؟ ويتحقق أملنا بفضل "الآخرين"؟
ألف ألف تحية للمتضامنين الأشاوس، الذين ينطبق عليهم القول المأثور: رب أخٍ لك لم تلده أمك.. فنعم الاخوة الذين نتشرف بهم حقًا، وهم من أشرف الناس، وحيف على "اخواننا" الذين أداروا ظهورهم لابناء جلدتهم، فلم ينصروهم "لا ظالمًا.. ولا مظلومًا"!