spacer
باستخدامك موقع موقع فرفش تكون موافق على سياسة الخصوصية الخاصة بالموقع
spacer
spacer
farfesh Twitter Page
spacer
spacer
spacer
spacer
spacer
spacer
مسلسلات رمضان 2024
spacer
spacer
spacer
spacer
spacer

نمر رواشدة أستاذ محب للغة العربية وأهلها

راسلونا: news@farfeshplus.online

تعرفت إلى الأستاذ نمر رواشدة(71 عاما)، ابن قرية الرينة القريبة إلى قلبي وروحي، المربي الراحل، في ظروف مأساوية، مساء الاثنين الماضي، منذ أكثر من ربع قرن من الزمان، وذلك أثناء زيارة عابرة لي إلى مدرسة التيراسانطة، التي قضى جل سنوات عمره، معلما للغة العربية فيها، مُخر جا الفوج تلو الفوج، ناقلا حبه للغته إلى طلابه جيلا تلو جيل.

ذلك اللقاء لم يكن الأول عمليا، وان كان الأول فيزيا، فقد كنت اعرف أن الأستاذ نمر واحد من المربين المجلين في تعليم اللغة العربية، وان مدرسة التيراسانطة ربحته أستاذا ذا معرفة ومقدرة غير محدودة على العطاء. اسم الأستاذ نمر رواشدة كان باختصار، يسبقه إلى كل محفل، وكان أن وصلني قبل أن أتعرف إليه في تلك الزيارة العابرة، أما ما أثارني في ذلك اللقاء العابر، لكن الدافئ، هو أن رواشدة كان يعرفني مثلما عرفته وبالطريقة ذاتها، واذكر وكأنما أنا استعيد شريطا سينمائيا الآن، أثناء كتابتي هذه الكلمات، أنني ما أن قلت له أنا ناجي ظاهر، حتى بادر إلى القول: ولو أستاذ أنا أعرفك، لقد قرأت كل ما كتبته، سواء في الصحافة اليومية العابرة.. أو كتبك المعروفة.

هكذا في لحظة فريدة، وجد كل منا، أنا والأستاذ رواشدة، نفسه قبالة صديق لم يلتق به من قبل، وكان لا بد للحظة خارجة عن حدود التخطيط أن تحصل، كي يتم اللقاء.

نمر رواشدة أستاذ محب للغة العربية وأهلها

بعد لحظة لا يكاد يلامسها سيف الزمن، وجدت نفسي انخرط في حديث مع أستاذ اللغة العربية المعروف، عن اللغة العربية في هذه البلاد وعن همومها، حتى أننا رددنا معا البيت الشعري المشهور للشاعر العربي المصري حافظ إبراهيم المتألق في تراثنا الحديث، ورحنا نترنم قائلين في لحظة واحدة: أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهلا سألوا الغواص عن صدفاتي، يومها تركني، تأدبا، أتابع الترنم ببقية الأبيات، ربما ليطرب على ما أراد أن يطرب عليه من شعر ينشده إنسان أحب التعرف عليه مثلما أراد مثلما أراد من قبالته منذ فترة.

بعد هذا اللقاء، جرت في مياه العلاقة بيننا مياه وفيرة، واذكر انه دأب منذ تلك اللحظة على التفكير بي وباستضافتي في مدرسة التيراسانطة، محاضرا ومتحدثا عن اللغة العربية وفنونها، في مجالي النثر القصة خاصة والشعر على أنواعه.

اذكر أن الأستاذ نمر فاجأني في اللقاء الأول بطلابه، طالبا مني أن يقدمني إليهم، وما زلت اشعر بالزهو، حتى الآن إبان كتابتي هذه الكلمات بعد الحادث المساوي، وأنا استمع إليه وهو يعرف طلابه بي، معنا اليوم كاتب أديب، أصله من قرية مهجرة، ولد في مدينة الناصرة، يعتبر من أصحاب الأصوات الفريدة على دوحة أدبنا العربي في هذه البلاد، كتب القصة فأبدع وكتب الشعر فلم يقل ما كتبه إبداعا عما كتبه في مجال القصة، هو صاحب جولات وصولات في مجال الكتابة الأدبية، في صحافتنا المحلية، كانت له أياد بيضاء في توجيه أبناء الأجيال التالية عليه إلى القيم النبيلة في تراثنا، سواء على مستوى الكتابة الأدبية في هذه أو تلك من الصحف والمجلات العديدة التي عمل بها وحرر فيها، أو عبر اللقاء المدرسية وهذا واحد منها.

بعد هذا اللقاء طلب مني الأستاذ رواشدة أن احضر كل مؤلفاتي لتكون إلى جانبه وفي متناول طلابه في المكتبة المدرسية، إذ لا يصح أن يكون لدينا أديب مبدع في الناصرة، ولا تكون كتبه ومؤلفاته في متناول أيدي طلابنا. هذا ما كان معي، واعتقد أن مثل ما فعله معي إنما فعل مثله مع آخرين من كتابنا وشعرائنا، فالأستاذ نمر كان محبا حقيقيا للغة العربية يحتفي بها وبأهلها ويفرد لهم مكانا في كل مربع يحل فيه.

تبقى هنا خلال الحديث عن أستاذ للغة العربية، حبيبتي، أضمرت له المودة والتقدير كلهما، ملاحظتان، الأولى تتعلق بتوجهي إليه، وأؤكد فيما يتعلق بهذه الملاحظة، أن التوجه كان ايجابيا رغم أن اللقاءات بيننا لم تكن غزيرة وتكاد ترضخ للإحصاء، لكن من قال إن المودة تقاس بكثرة اللقاءات؟ ألا يوجد هناك أناس تلتقي بهم كل يوم وتكتشف بعد سنوات انك لا تعرفهم، وان هناك على العكس من هؤلاء أناسا تلقي بهم لماما فتكتشف أنكم تعرفهم من قبل أن يكون الزمن؟ الملاحظة الأخرى تتعلق بأمر بعيد وقريب عما يدور الحديث عنه، وهي تتعلق بتعليق الكتروني الصقه قارئ بكتابة لي عن صديق راحل، مفاده أنني أتحدث عن نفسي وتجربتي فيما اكتبه عن أعزاء راحلين وباقين، مفاد هذه الملاحظة أنني بالطبع سأتحدث عن تجربتي مع من اكتب عنهم، فهل يطلب مني غير هذا؟ وهل يمكن للكاتب أن يتحدث عن تجربة أخرى غير تجربته؟ وكيف سيفوح الإنسان بالصدق والورد؟ إذا ما زيف نفسه وتحدث بكل لسان غير بلسانه؟

أؤكد أن الأستاذ نمر رواشدة سيعيش طويلا، والى ما لانهاية، في ذاكرتي، وذاكرة كل من أحبه وعرفه عن قرب وخبر ولعه بلغتنا العربية وأسرارها ففاض رقة وعذوبة لا يعرفهما إلا من كابدهما.

spacer
spacer
الاعلانات على مسؤولية اصحابها، ولا يتحمل موقع فرفش أي مسؤولية اتجاهها
spacer