يحاول الكاتب المصري الساخر عبد القادر محمد علي، في كتابه " روكا والملك" الصادر عن دار أخبار اليوم، القاهرية- أن يضحك المصريين من أنفسهم، في محاولة منه لان يعري بأسلوبه الضاحك، كل مواطن الفساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأخلاقي في المجتمع. الكتاب يقع في 175 صفحة من القطع المتوسط، وفي عدد كبير من الفصول القصيرة المنتقدة والمعبرة عن أبعاد الحياة في مصر، وذلك في لغة تتخذ من السخرية الضاحكة حينا، والباسمة حينا آخر، أسلوبا لها.
صورة لغلاف الكتاب...
يبدأ الكتاب حينما تدب الحركة في تمثال رمسيس الثاني، بعد آلاف السنين من نومه العميق، ونحن، القراء، نراه يتوجه إلى الميدان المسمى باسمه، ليبحث عن تمثاله الشهير الذي يتباهي به الأحفاد وأحفاد الأحفاد، كما تقول رئيس تحرير السلسلة الكاتبة نوال مصطفى في تقديمها للكتاب. يلتقي الملك رمسيس أثناء بحثه عن ميدانه، بـ"روكا" ألحرامي، ابن البلد الشهير، بعد أن أضحى رمزا للفوضى والفساد، وبعد أن حول ميدان رمسيس إلى مكان يمارس فيه نصبه واحتياله على الغرباء القادمين من بلدات مختلفة إلى العاصمة المصرية القاهرة.
تنشا بين الملك والحرامي روكا، علاقة من نوع طريف، ويترافق الاثنان في جولة ليشاهدا ما حدث ويحدث للمصريين، ويكتشف الملك رمسيس الثاني عبر إشارات روكا، خفيف الظل، الذي يتحدث بالعامية كونه ابن بلد، المهازل التي تحدث في ميدانه الواسع الفسيح الأرجاء من نصب وتلوث وسرقة وما إليها، ويكتشف اخطر من هذا، تدهور الأخلاق وغياب الضمير وتبرير ما يرتكبه الناس من خطا والتعامل معه على أساس انه طبيعي ومقبول!!
هذا كله وسواه مما يرتكبه أبناء القاهرة من إساءات للمشهد العام في بلادهم، يدفع مؤلف الكتاب ليقول: لولا هيبة الملك، لبكى تأثرا برؤيته النيل بعد شوق طال مداه، لكن علامات الفرحة على وجهه لم تتناسب مع هذا القدر من الشوق.
وحينما يوجه الملك الزائر سؤالا عن اختفاء التماسيح من نهر النيل، لا يجد روكا مفرا من أن يقول له: شوف يا عمنا، لما وصل الانفتاح كل حاجة انفتحت، حتى النيل، وساعتها التماسيح سابت بمزاجها بالليل والناس نايمة. شافوا حالهم بره. ربنا يفتح فتح عليهم وعرفوا سكتهم، بيشتغلوا في الزراعة التجارة والصناعة. الدنيا زهزهت معهم وماشيين آخر حلاوة واللي منهم بيحب الميري بيتمرغ دلوقت في حريره.. فرفش يا عم وزأطط تماسيحك في الحفظ والصون، وفي مراكز موموقة وشرفك!
تقول نوال مصطفى، إن القلم هنا، في هذا الكتاب أشبه ما يكون بالمشرط الذي ينفذ بعمق إلى الجروح ويحاول تطهير القروح، موضحة أن المؤلف في ابتداعه لشخصية تاريخية مشهورة ، أبدع لا سيما حينما جعل هذا الملك بطلا يتحرك ويرصد، فيما تدور حوله الأحداث بكل ما تحفل به من سخرية لا تخلو من سواد.
