يروي الشاعر شكيب جهشان، في كتاب له، صدر في الذكرى الخامسة لرحيله، سيرته الذاتية، عبر رؤية تتمحور في السيرة الجماعية لأبناء شعبه عامة في قرية لا يحددها، وان كان يفوح من كلامه عنها فوحُ عطر ٍ يقول إنها قريته المغار الواقعة في منطقة الجليل، تلك القرية التي ظل يحن إليها حتى يومه الأخير، حين وافته المنية في بيته في مدينة الناصرة. الكتاب حمل عنوان " كلهم كانوا هنا- حكايات عن ناس من لحم ودم"، وصدر قبل فترة وجيزة في 160 صفحة من القطع المتوسط.
نجل الشاعر الراحل، بكره الدكتور إياد جهشان قال، إن مادة الكتاب ليست جديدة، وان كانت تحمل في ثناياها بذور بقائها كما سيلاحظ قارئها، موضحا أن والده كتبها في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، ونشرها في صحيفة" الاتحاد" الحيفاوية التي كان خصها بما فاض به وجدانه من إبداع أدبي، امتد على أكثر من نصف قرن من الزمان. مشيرا أن مادة هذا الكتاب كانت شكلت عمودا فقريا لعمل مسرحي، حمل عنوان " اذكر" أخرجه نبيل عازر، وهو احد تلامذة المرحوم الشاعر الراحل شكيب جهشان الفنان.
وأضاف نجل الشاعر يقول في كلمة عر ف بها ما تضمنه الكتاب، نشرت على غلافه الخلفي، كتظهير له، إن والده كان واعيا إلى انه إنما يسجل مرحلة هامة من تاريخ شعبه، هي مرحلة نكبته، ما سبقها وما تلاها بقليل، لهذا جعل تفاصيلها تدور في قرية جليلية، غير محددة الاسم، وذلك لمنحه ذاته إمكانية التعبير عن الروح القروية الفلسطينية بصورة عامة، كما انه جعل زمانها ذاكرة جيلين أو ثلاثة أجيال، موضحا أن والده اعتمد في كتابته لما تضمنه كتابه من مواد أدبية، على " الفطنة أكثر مما اعتمد التسلسل" وهو ما أشار إليه والده في افتتاحه لكتابه، فيما يتعلق بما يمكن أن يلمسه القارئ من توافق بين أبعاد الكتاب الشخصية، المكانية والزمنية، وبين الواقع اليومي المعيش، فانه لا يعدو كونه محض مصادفة، اما الضمائر المروية عبرها مادة الكتاب فإنها كثيرا ما تخرج من مدلولها الأصلي، لا سيما ضمائر التكلم.
نجل الشاعر الراحل استذكر بعضا من مواد الكتاب وأضاف يقول: لم تكن هذه الحكايات سيرة ذاتية فحسب، وإنما كانت سيرة جماعية لأناس عايشهم أبي، فاستفاد من تجاربهم لينقلها بلوحات أدبية، تشبه القصص القصيرة، مشكلة في الختام، صورة لحياة الناس العاديين الذين كانت لهم معزة خاصة في نفسه".
إجابة عن سؤال قال نجل الشاعر الراحل، الدكتور إياد جهشان: إن الدافع للكتابة لدى والده تشكل في بعض من أبعاده حنينا ما إلى الماضي، وهذا ما تمثل في تقديمه لإحدى مجموعاته الشعرية، حينما كتب يقول: لقد أجازوا الحقيقة إذا ادعيت أن الحنين لم يكن دافعا هاما، بل أساسيا لكتابة هذه النصوص التي أقدمها اليوم، نعم للحنين كان دور بارز وفاعل في الكتابة، الحنين إلى زمان مضى، والحنين إلى مكان راح، وان ظل باقيا في العين، والحنين إلى الناس الذين تقلبت بهم الحياة".
نجل الشاعر الراحل أشار إلى السبب لجمع هذه النصوص، وإعادة نشرها في كتاب خاص، في ذكرى والده الشاعر الراحل، قائلا، إن والده أصر في حياته على إبراز قضية التواصل بين المبدع والمتلقي، على اعتبار أنها قضية الفن الأولى، لهذا" رأينا من واجبنا إصدار " الحكايات" علنا بهذا، نقدم في ذكراه العطرة، مساهمة ولو متواضعة في إحياء ما سعى إليه طوال مدة عطائه في المجال الأدبي إحياءً لهذا التواصل".
