spacer
باستخدامك موقع موقع فرفش تكون موافق على سياسة الخصوصية الخاصة بالموقع
spacer
spacer
farfesh Twitter Page
spacer
spacer
spacer
spacer
spacer
spacer
مسلسلات رمضان 2024
spacer
spacer
spacer
spacer
spacer

فؤاد قنديل لا يخفي إسراره

راسلونا: news@farfeshplus.online

ينقل الكاتب العربي المصري فؤاد قنديل، في روايته" المفتون" صورة لبلاده ولرؤيته لها ابتداء من عام 1954، بداية تفتحه على الحياة والسياسة وما حفل به مجتمعه من قضايا، هذه الرواية صدرت في نيسان من العام الجاري ضمن سلسلة روايات الهلال الشهرية المصرية، صاحب الرواية فؤاد قنديل من مواليد أكتوبر 1944، درس الفلسفة وعلم النفس في جامعة عين شمس القاهرية عام 1969، عمل في استوديو مصر منذ عام 1962 حتى 1977، ثم عمل في الثقافة الجماهيرية حتى تقاعده عام 2004، صدر له حتى الآن العديد من المجموعات القصصية، منها: عسل شمس، الكبرياء، الغندورة وزهرة البستان، وهو كاتب روائي معروف، صدر له العديد من الروايات منها: السقف، عصر واوا، حكمة العائلة المجنونة وقبلة الحياة.

روايته الجديدة عبارة عن جزء أول من سيرة روائية، يؤرخ فيها فنيا لوجوده الاجتماعي، السياسي والإنساني، ويفتتحها بجملة سرعان ما يكتشف القارئ، أنها ستلقي بظلالها على ما سيليها من أحداث يشارك فيها الكاتب مشاهدا أو مشاركا فاعلا، هذه الجملة هي: كيف تنام وعبد الناصر يطلقون عليه الرصاص؟ يقولها له أخوه الأكبر بعد أن يوقظه، في احد أيام أكتوبر عام 1954، أي حينما كان في العاشرة من عمره.

فؤاد قنديل لا يخفي إسراره

بعد ذلك، بعد ما يطلق عليه في عنوان الفصل الأول من الرواية" خبطة الوعي" تأخذ مشاعر صاحب الرواية وبطلها، إذا جاز التعبير، في التشكل عبر محبة حافلة بمشاعر المحبة للأمة العربية ولزعيمها الصاعد في تلك الفترة، جمال عبد الناصر، ما نقراه بعد ذلك، يحمل الكثير من المحبة والتقدير لزعيم أراد أن يجمع الأمة العربية، لواحدة من المرات القليلة في تاريخها، وفي تاريخ القطر العربي المصري تحديدا، كما تقول الرواية، فعل ما أراده بجرأة وإقدام قل نظيرهما، ما عر ضه للقليل من النقد كما نفهم والكثير من التحبيذ.

ذلك الفتى المفتون، يشعر بحاسة المُحب، بمدى ما يعاني منه محبوبه الزعيم جمال عبد الناصر، بعد فشل الوحدة مع القطر العربي السوري، فلا يكون منه إلا أن يهرع يوم 27-11-1961، إلى أقلامه وأوراقه ليكتب رسالة يبعث بها إلى عبد الناصر، ويفاجأ بعد فترة برد الأخير عليها، وبما تضمنته من جملة يقول أنها سترافقه طويلا، هي: الست معي في أن السنوات القادمة لن ترحم الدول الصغيرة؟

يشكل عبد الناصر في هذه السيرة الروائية واحدا من مرتكزاتها الأساسية، فهي تعرض صورة لمفتون شاب به، يسعى دائما وكلما حانت الفرصة لان يلتقي به أو يراه، حتى لو تم هذا عبر مشاركته لآخرين يعمل موظفا إلى جانبهم، في إضاءة بيت عبد الناصر، تمهيدا لما يكتشف، فيما بعد، انه عرس ابنة عبد الناصر هدى، أما الذروة التي تصل إليها الأحداث، وهي واقعية كما يفترض في سيرة روائية، فإنها تكون حينما يغضب الرئيس، بعد ان يكتشف في جلسة غير متوقعة، جمعت بين الرئيس، وآخرين منهم بطل الرواية، أن ثمار اليوسفي التي يـُقبل خلال الجلسة، على التهامها بمحبة إنما هي مستورد من فرنسا وليست من نتاج بلاده كما يهيأ له، فيغادر المجلس حزينا.

الرواية بعد هذا حافلة بقصص الحب الخائب، والإخلاص لعالم قلما صفا قلبه لمن اخلص له، مثل صاحب الرواية ومؤلفها، وهي تعرض الخلفيات التاريخية بشفافية كاتب أتقن فن الكتابة وتمرس فيه، وعرف كيف يبتعد عن المباشرة في تقديم ما يريد أن يقدمه من أحداث شخصية وتاريخية، كان شاهدا عليها، ومن جماليات الكاتب البارزة في روايته، انه لا يقول لنا بقدر ما يحاول أن يوحي، في محاولة يعهدها جيدا من حذق الكتابة من المبدعين، ليمكن القارئ من إعادة إنتاج ما يقراه، لا أن يستهلكه وينتهي الأمر بانتهاء القراءة، بل يبدا كما هو مفترض.

نتوقف في الرواية عند العديد من المواقف اللافتة المعبرة، سواء تلك التي تتعلق بعلاقات كاتبها بمن يحيط به من ناس، أهل وأصدقاء، وفي هذا المجال نتوقف عند شخصية شقيقه فوزي، وإصراره على أن يتعلم حتى لو فاته القطار، وهذا ما يكون له، وشخصية جابر مرافقه الذي يقوم بدور هام في توفير الراحة له، بسبب افتتانه الشديد به

فؤاد قنديل لا يخفي إسراره

هذا الافتتان ينتقل إلى زوجة هذا الرجل، ويتمثل في انه كلما أراد الكاتب أن ينتقل إلى بيت مستأجر جديد، وما أكثر ما فعل، كما يتضح لنا، يكتفي بان يطلب من جابر أن يقوم بالمهمة فيسعى هذا للبحث عن بيت ليستأجره له، ويعده هو وزوجته، في النهاية يدعوه لان يدخل إلى البيت، وقد تم ترتيب كل ما فيه على نحوه الأمثل.

أما على مستوى العلاقات الإنسانية بالنوع الآخر، فان الكاتب يبدأ بالتحدث عن الحب الأول لابنة الجيران كريمة، وتنتهي هذه القصة كما تنتهي معظم قصص المراهقة والشباب بالافتراق الآسي، بعد ذلك يتعلق قلب الكاتب بزميلة له تدعى هند، ويطلب منها أن يتقدم لطلب يدها، إلا أنها تخبره أن أهلها لن يقبلوا به، لأنه لم يواصل دراسته، فيسعى لمواصلة هذه الدراسة، ويتقدم لطلب يدها ليكتشف أنها من بيت متواضع الحال وان والدها موجود وليس موجودا في البيت، وان من يصرف على بيتها هو زوج والدتها العامل الميكانيكي، متسخ الثياب دائما، قصة الكاتب مع هند، تتدحرج إلى أن يكون الافتراق المحتم، بعد أن يكون بذل جهدا وافرا لتعليم إخوان لها دروسهم نزولا عند رغبة والدتها السمينة الجميلة.

وبعد أن يتفق معها على تمثيلية للهروب وبالتالي للزواج، وهو ما يتم اكتشافه في اللحظة الأخيرة بحسن نية من جابر وبدون أن يعلم ويكون هذا حينما يطلب زوج والدة هند أن يعرف من جابر أين يقيم الكاتب، فيرشده، ليأتي زوج والدة هند ويأخذها ليعود بها إلى البيت، بعد ذلك يقوم مدير العمل بالجمع بين الاثنين، الكاتب وهند، إلا أن الاجتماع ينفض بعد اقل من دقيقة من ابتدائه، لان الكاتب يكون قد قرر انها ليست مناسبة له، كونها تابعة لامها في أفكارها، وانه ليس لها كونه يريدها الحلم الجميل الذي كان وان لم يكن في الواقع.

الكاتب في روايته يبدو رومانسيا إلى أقصى درجات الرومانسية، إلا انه لا يلبث في العديد من المواقف أن يقول لنا انه تمكن دائما من العيش بين المثل والواقع، وانه وفق بين الاثنين بارتكابه لبعض الممارسات الواقعية، كان يقيم علاقة مع هذه أو تلك من النساء، بعيدا عما امن به من قيم.

واحدة من جماليات هذا الكتاب، أن الكاتب يقيم فيه أحيانا حوارا كاشفا بينه وبين ذاته، فيقدم صورا حقيقية له، لا ينقصها الكشف والجرأة في تقديم الأحداث، وهو ما يقربه الكتاب أكثر من قارئه ويجعله يشعر بنوع محبب من الراحة، كونه عثر على صديق لا يخفي عنه سر افتتانه، هو الكاتب.

spacer
spacer
الاعلانات على مسؤولية اصحابها، ولا يتحمل موقع فرفش أي مسؤولية اتجاهها
spacer