السيدة اقبال دحلة- عدوي هي مديرة التسويق وتحسين الخدمات للوسط العربي في خدمات الصحة الشاملة، وهي اول عربية تصل لهذا المنصب. وصولها للمنصب وما تقدمه للوسط العربي هو حتما بداية لقصة نجاح. بدأت حياتها المهنية في اعداد البرامج التلفزيونية، وشاركت في بعض البرامج كمقدمة لفقرة معينة، رأيناها في برنامج "شؤون عائلية" مع ردينة القاسم وقدمت زاوية المستهلك، وفي القناة العاشرة للتلفزيون الاسرائيلي بدأت بتقديم الاخبار واستضافت شخصيات سياسية واجتماعية ضمن برنامج " الاسبوع" مع نعيم عرايدي والذي كان يقدم مباشرة.
دراستها لموضوع الاتصال جعلتها بطبيعة الحال تبحث عن عمل في المجال الصحفي الاخباري وكانت لها عدة تجارب مع اقنوات التلفزة الاسرائيلية التي لم تعطها حقها كمقدمة وحاولت التدخل في مبادئها كعربية في البلاد الامر الذي جعلها تفضل ترك المكان .
الصدفة اولا والمثابرة ثانيا جعلت اقبال تصل الى مهمه يمكن اعتبارها مقدسة، اذ ان خدمة الوسط العربي في مجال الصحة هي عنوانها ومضمونها، واليوم بعد خمس سنوات من عملها في قسم التسويق ومرور سنة على اشغالها منصب مديرة التسويق وتحسين الخدمات للوسط العربي في خدمات الصحة الشاملة، صندوق المرضى الذي يعد من اكبر صناديق المرضى في العالم من حيث عدد المؤمنين، الاكبر في البلاد والاكثر اقبالا من قبل المؤمنين العرب.
فرفش التقى اقبال للحديث بشكل موسع اكثر عن الشخص من وراء الخدمات الاخذة بالتطور والنجاح..
فرفش: من هي اقبال ؟
التسويق هو العامود الفقري في اي مؤسسة
اقبال: اعرف نفسي كامراة عربية مثابرة، متزوجة وام لابنة (نور) ومديرة التسويق وتحسين الخدمات للوسط العربي في كلاليت.
فرفش: ماذا يعني اسم الوظيفة التي تشغلينها؟
اقبال: الوظيفة تقسم لقسمين: التسويق- ومعروف انه تسويق مؤسسة او منتوج او خدمة لجمهور مستهدف، والتسويق للوسط العربي فحواه كيفية توصيل الخدمات للوسط العربي وكيفية الاستفادة منها وكيفية الوصول اليها، وتحسين الخدمات- وهي معرفة الاماكن التي على الصندوق ان يساعد فيها، التعرف على النقص الموجود في عيادات الوسط العربي والعيادات التي تحتاج الخدمات، علينا ان نستمع للناس ماذا يحتاجون واين، وان نوفر لهم الخدمات وهذا اصعب من التسويق.
فرفش: نلاحظ تغيير في توجه خدمات الصحة الشاملة سواء بعدد العيادات، النشرات باللغة العربية، الخدمات او اعداد الاطباء، من المؤكد ان لاقبال يد في ذلك.
اقبال: التسويق هو العامود الفقري في اي مؤسسة، وهو القسم الذي يكون باتصال مع جميع الاقسام في المؤسسة التي نتحدث عنها، علينا ان نجيب على احتياجات الجمهور من خدمات او طواقم، هدفنا دعم الامر للامام، اينما يوجد نقص نغطيه ونحن نعرف النقص من خلال الطواقم العاملة او الابحاث التي نجريها او حديثنا مع الناس، عندما نعرف عن وجود نقص نبدا بتقديم طلب لتحسين الخدمة وتوفيرها، التسويق وحده لا ينجح بالتغيير يجب ايضا تسويق المضمون ويعود الفضل في النجاح لعدة اقسام مثل الادارة الطبية و الادارة المهنية.
فرفش: كيف وصلت لوظيفة مهمة لخدمة جمهور مؤمني خدمات الصحة الشاملة العرب؟
اقبال: كنت اعمل في جمعية حقوق المواطن وعملت في اخبار القناة الثانية، وكان يجب ان استمر في مجال الصحافة المرئية، بعد انتفاضة الاقصى طلب مني تغطية الاحداث في غزة والضفة الغربية وشعرت ان في الامر تنازل عن مبادئي فرفضت. في تلك الفترة رايت اعلان في صحيفة يطلبون محرر لمجلة طبية في القدس فتقدمت للعمل وتعرفت على مزود المجلة وهي مجلة "تاج الصحة" الصادرة عن خدمات الصحة الشاملة، عملت كمحررة للمجلة وهكذا تعرفت على الادارة، عينت بعد فترة كمساعدة لمديرة التسويق للوسط العربي مدة 4 سنوات، بعد خروج المديرة تقدمت لاشغال منصبها ونجحت وانا اعمل في وظيفتي هذه منذ 5 سنوات.
فرفش: نحن اخترناك لزاوية قصة نجاح، كيف تعرفين النجاح وهل تعتبرين نفسك ناجحة في عملك؟
زوجي لولاه لم اصل واتقدم وهو رفيق دربي في الامور الشخصية والعائلية والمهنية
اقبال: عندما بدات العمل في خدمات الصحة الشاملة عرفت انني يوما ما ساستبدل المديرة، بكل تواضع، انا اؤمن ان الانسان لا يصل لمنصب جيد ان لم يكن يستحقه، انا "نحت الصخر" لوحدي وبدون مساعدة من احد وانا سعيدة بانجازاتي التي اعتبرها نجاحا: لقد زادت الميزانية للوسط العربي بعد ان قدمت برنامج عمل متنوع ومليء بالنشاطات، وقمت ببعض الامور الجديدة وهي ترجمة لما هو موجود في الصندوق للجمهور العام مع ملاءمتها للوسط العربي مثل مجلة " تاج الصحة"، تقرير عن البنية التحتية للعيادات في الوسط العربي والذي بعد تقديمه تم تخصيص مبلغ 10 مليون شيكل لتطوير العيادات في الوسط العربي، ساهمت في زيادة القوى العاملة سواء ممرضين وممرضات، اطباء، قوى عاملة وادارات للعيادات، وانا لا اقرر ولا اختار الطبيب او عضو الطاقم لكنني استطيع معرفة المكان الذي يحتاج. اضافة الى هذا فنحن نعمل الان على موقع انترنت باللغة العربية.
فرفش: الوصول الى مهمة كهذه يحتاج الكثير من المثابرة، الى اي مدى كان الطريق صعب؟
اقبال: الطريق كان صعبا ومازال ، اولا لكوني امرأة ثانيا لكوني ام، لكوني بعيدة عن اهلي وعن منطقة سكني الاصلية في الشمال وهذا يلزمني ان اتدبر اموري لوحدي لانني لا اعرف احدا في منطقة سكني في تل ابيب، اقتصاديا الحياة مكلفة جدا، اضافة الى كوننا عرب ولا توجد فعاليات ملائمة لنا كعائلة ولابنتي بشكل خاص وكيف يمكن ان تؤثر عليها البيئة. لكن للنجاح يوجد ثمن، وفي الوسط العربي عادة لا يحب الناس ان يعطوا اوان يثابروا حتى يصلوا للنجاح، لو كانت هناك اقلية في منطقة المركز من ازواج يمكن ان يصبح الوضع افضل ولا يشعر الانسان بالوحدة.
فرفش: اين زوجك وابنتك من عملك الذي يتطلب الكثير من الوقت والتنقل؟
اقبال: زوجي لولاه لم اصل واتقدم لانه يساعدني جدا في البيت ورعاية ابنتنا نور، دعمه المعنوي لي، وهو رفيق دربي في الامور الشخصية والعائلية والمهنية، وهو مقدم الاستشارات من اجل استمرار نجاحي الذي ياتي احيانا على حساب حياتنا شخصيا وعائليا، وقد ضحى وبنى موقع عمله في تل ابيب لنكون معا.
فرفش: درست موضوع الاتصال وعملت فيه، وعملك الحالي يتطلب معرفة في المجال لكنه يتطلب ايضا معرفة في مجال الصحة والطب.
انا اعمل في مؤسسة كبيرة ولا يمكن ان اكون لوحدي
اقبال: انا اعمل في مؤسسة كبيرة ولا يمكن ان اكون لوحدي، حتى اعرف اسال، السؤال ليس عيبا ومن اسس النجاح ان يتعلم الانسان اكثر لانه لا يوجد انسان يعرف كل شيء وانا دائمة السؤال عن المصطلحات التي لا اعرفها، انا لست ملزمة ان اكون ملمة بالامور الطبية وعادة اسال الاطباء عن الامور التي لا افهمها. كما ان الصندوق يرسل العاملين فيه الى دورات خاصة ضمن برنامج تطوير الشخص في مجال عمله سواء بمواضيع الصحة، الطب والتسويق.
فرفش: الى اي مدى تشعرين بالانسجام مع عملك؟
اقبال: انا احب عملي وانا اتي لاعمل ولا اتي للعمل، الوسط الذي اعمل معه يهمني فقد عرض علي العمل مع الجمهور العام لكن عندها ستختلف الرسالة وانا اريد ان اعمل على توعية ودعم الوسط العربي وتطوير الخدمات له، هناك عروض مقدمة لي اقل من الموقع الذي اتواجد فيه حاليا وفي مناطق معينة في الشمال ربما تناسب نمط الحياة الذي اتيت منه اكثر،لكن هنا انا موجودة في الادارة ولا يمكنني ان اتطور اذا حددت نفسي بمنطقة معينة.
فرفش: اخرجت للنور قبل فترة مهرجان لصحة العائلة وكان ناجحا جدا..
اقبال: اخراج المشروع لم يكن لي وحدي لكني عملت ثلاث اسابيع بجهد كبير ومتواصل مع طواقم عملت خصيصا على انجاح المهرجان، حضرت جلسة خاصة واكدت ان لهذا المهرجان اهمية كبيرة واخذت على عاتقي اخراجه.
فرفش: الا تشعرين بحالات احباط او تعب في حال رفض طلبك مثلا؟
اقبال: احيانا اكون بحالات تعب لكني احولها الى طاقة ايجابية، من المستحيل ان ايأس او ان اقول لا استطيع، عندما اريد شيئا احارب حتى اخر نفس لامر اؤمن فيه واكرر الطلب حتى اناله لانه ليس احلى من طعم النجاح.
فرفش: ما هي طموحاتك بالنسبة لمستقبلك العملي؟
مع السيد زئيف فيرمبراند مدير عام خدمات الصحة الشاملة
اقبال: لم افكر للمدى البعيد، عندما تقدمت لامتحان القدرات في فترة التعيين اظهرت النتائج اني احاول دائما ان اكون عند حسن الظن واني افكر كثيرا وانا اعمل على تغيير هاتين الصفتين، انا لا افكر للمستقبل البعيد، اطمح ان اكون بنفس الموقع مع تحقيق الاستراتيجية التي بنيتها، اريد ان اكون في القمة وعندها ممكن ان اترك المنصب الى منصب اخر او ربما مكان اخر. اتلقى عروض كثيرة من خارج خدمات الصحة الشاملة وداخلها لكن انا سعيدة حيث انا وبما اعمل لان المجال شيق ومتنوع.
فرفش: قلما تصل امراة عربية لمنصب ذو تأثير كبير، ماذا يمكنك ان تحدثينا عن هذا؟
اقبال: الناس متنوعة وردود الفعل متنوعة، هناك نساء تكون سعيدة من اجلي ونساء لا لان اولوياتها تختلف، والرجال ايضا قسم منهم يقول هذه هي المراة التي نريدها في مجتمعنا . انا ارى رد الفعل على وجه الناس، واحيانا في الاجتماعات يكون هناك رجال لا يتحملون وجودي كامرأة بينهم ويشعرون اني انافسهم. هناك من يولون اهمية اكثر للامومة وانا اؤمن ان الوقت الذي نقضيه مع اطفالنا ليس هو المهم انما ما نفعله مع الولد في الفترة التي نقضيها والمهم ماذا اعطيه.
فرفش: هل اتخذت قرار ولن تعودي عليه؟
اقبال: عملي مع القناة الاولى او بالاحرى مع الصحافة الاسرائيلية، لانه كان قرار لطالبة انهت تعليمها في موضوع الاتصال وتبحث عن عمل، توجهت الى القنوات الاسرائيلية وكانت هذه خطوة في غير مكانها لانه عند توجهي لقنوات عربية لم يقبلوني لان اسمي كتب في القنوات الاسرائيلية، العمل هناك لم يثريني ولم يعلمني شيئا جديدا، فقد ارادوا في القناة شقراء تقول ما يريدون، لقيت هناك عدم وعي من قبل العاملين للعربي، لم يكونوا راضين في عن شكلي الشرقي في القناة الاولى وعن اقبال كافكار ومبادئ. مشكلتي هناك ان العمل يصبح جواز دخول في التوجه لقنوات اخرى. وفي القناة الثانية ايضا كان لدي مشاكل وتركت العمل.
فرفش: ماذا يمكنك ان تقولي لامرأة تطمح بالوصول الى موقع مهني يعطي للوسط العربي ويطور فيه؟
اقبال: بشكل عام اي انسان يطمح بالوصول الى مكان ما سوف يصل، المشوار يبدأ بخطوة، توجد مشقات على الصعيد الشخصي وعلى الصعيد العام كعرب في البلاد، يجب على الانسان ان يتنازل، ويؤمن انه يمكن ان يساعد ويقدم لاهلة وبلدة دون السكن بالقرب منهم، انا انصح الطموحين بان يحاربوا ليصلوا، علينا ان نتعلم كيف نطالب، وللنساء اقول تحرروا، انا مبسوطة لكوني عربية شرقية مع التقاليد التي تربيت عليها، مبسوطة كزوجة وام، المرأة يمكن ان تصل لبعيد وحتى تصل عليها ان تؤمن بما تفعل وما تريد بدون ان تقول صعب.
