كتابة السيرة الذاتية هدف مشترك يضعه معظم مشاهير العالم نصب أعينهم، ولكن المغزى من وراء نشر مذكراتهم يختلف ويتباين بين شخصية وأخرى، فالبعض يكتب من أجل تجميل صورته أمام عيون الناس أو تخليد اسمه في التاريخ، والبعض الآخر يدو ن مذكراته من أجل الإنتقام والطعن في شخص أو نظام معين، وهناك من يرى في كتابة السيرة عملاً تجارياً مربحاً... لماذا تكتب الشخصيات المعروفة مذكراتها؟ ومع من بدأت هذه العادة؟ وما هو الكتاب الأبرز في تاريخ السيرة الذاتية؟ كل ها أسئلة مركزية يجيب عنها هذا التحقيق في لها.
الحياة الشخصية خط أحمر:
جان جاك روسو يعتبر أهم مَنْ كتب السيرة الذاتية عبر كتابه الشهير اعترافات
روائيون، شعراء، فلاسفة، فنانون، مخترعون.... أشخاص لا يجدون ملاذهم بعد تحقيق أحلامهم العلمية والأدبية والسياسية إلا في كتابة "سيرتهم الذاتية" التي تعد هدفاً مشتركاً يسعون إلى تنفيذه بعد اختمار تجاربهم وتبلور خبراتهم، وذلك يكون عادة بعد تقد مهم في السن. "السيرة الذاتية" هي إذاً طموح يشغل بال عظماء التاريخ، كل حسب مجاله، فتراهم ينكب ون على أوراق بيضاء ليملأوها بالحقائق والأسرار الخاصة بحياتهم المهنية والشخصية مطلقين بذلك العنان لذاكرتهم التي تغدو وحدها "الورقة الرابحة"، كما أن "الأنا" تصبح في موقع المتكل م وفي الوقت نفسه موضوع البحث المركزي. وقد يطرق ببالنا هنا سؤال جوهري يمث ل إشكالية أساسية وواقعية: لماذا يعمد المشاهير، الذين يحرصون عادة على عزل حياتهم الخاصة عن أنظار ومسامع الناس، إلى كتابة مذكراتهم وكشف أسرار حياتهم والتطرق إلى أد ق التفاصيل المحرجة أحياناً والصادمة أحياناً أخرى رغم اختبائهم الطويل تحت مظل ة الفكرة التالية: "الحياة الشخصية خط أحمر !؟"
في الواقع، هناك أسباب كثيرة ومتباينة تدفع بالأشخاص المعروفين إلى كتابة مذكراتهم الخاصة. فهناك فكرة سائدة أن السياسيين يكتبون مذك راتهم من أجل تبييض صورتهم وتخليد أسماءهم كعظماء من التاريخ، بينما الأدباء والعلماء يرصدون حياتهم من خلال كتابة السيرة الذاتية بصدق وشفافية كبيرة وذلك لكي يصفون لنا كيفية وصولهم وحكاية كفاحهم وإصرارهم على تنفيذ أحلامهم الوردية رغم الأشواك التي اعترضت طريقهم. وإذا ما أردنا أن نقوم بجولة تاريخية حول كتابة المذكرات الشخصية، فيمكننا القول إنها تعود إلى آلاف السنين وقد بدأت تحديداً مع القديس "سانت أوغستين" الذي تحد ث فيها عن تأثير الدين في حياته الخاصة ومن ثم تطو رت وتبلورت كفن أدبي قائم بذاته مع المفكر جان جاك روسو الذي يعتبر أهم مَنْ كتب السيرة الذاتية عبر كتابه الشهير "اعترافات"، وقد استهل ه بجملة صارخة قال فيها: "أنا أفعل شيئاً لم يفعله شخص قبلي ولن يقدر شخص بعدي على تقليده". وبالفعل كان جان جاك روسو أو ل من كتب السيرة الذاتية بمعناها المتعارف عليه اليوم، كما كان كتابه "اعترافات" الأكثر جرأة وصراحة منذ لحظة صدوره حتى الآن. وبعد أن ظل ت "السيرة الذاتية" حكرا على الأدباء والفلاسفة تحو لت بعد ذلك إلى السياسيين والملوك والرؤساء والثو ار ومن ثم الفنانين حتى صار نشر "المذكرات" أمراً شائعاً بين كل المشاهير في شت ى المجالات. وبات عدد المذكرات التي كتبها المشاهير منذ القدم حتى اليوم لا يُعد ولا يُحصى. ولكن يلقي هذا التحقيق إلقاء الضوء على بعض المذكرات المهمة وقد تكون بمثابة أمثلة لتشد د على فكرة اهتمام الأشخاص المعروفين بموضوع السيرة الذاتية ومتابعة الناس لهذه المذكرات التي تكشف خفايا الحياة الخاصة بالنجوم على اختلاف مجالاتهم.
سياسيون
حققت السيرة الذاتية لبيل كلينتون الربح المادي، 10 ملايين دولار
يعتبر كتاب "كفاحي" لزعيم النازية هتلر من أكثر كتب السيرة أهمية لكونه أثار صدمة كبيرة للمجتمع الدولي، إذ تحد ث فيه عن أفكاره الفردية ومعتقداته السياسية واعتباره أن العرق الآري هو سي د الأعراق، وغيرها الكثير من الأفكار النازية الغريبة المتطرفة. وكذلك كتاب "قصة تجاربي مع الحقيقة" للمهاتما غاندي الذي نال اهتماماً شعبياً وإن بعد مدة من نشره، لأن هذه المذكرات نُشرت قبل نجاح ثورة غاندي بعشرين سنة، وفيها روى كيفية دخوله عالم الثورة حتى وصل إلى قيادة الهند ضد الإستعمار البريطاني.
كما أن السياسيين الأميركيين اشتهروا بكتابة "المذكرات" ومن أهمها تلك التي أصدرها أخيراً وزير التجارة الأميركي السابق باتريك أوينل وهو أو ل وزير في إدارة الرئيس بوش الذي يكتب مذكراته، وقد أثارت جدلاً كبيراً وهجوماً محموماً على أوينل لكونه فضح بعض أسرار الحكومة الأميركية الحالية وتطر ق إلى الوعد الذي أطلقه بوش بالقضاء على الرئيس العراقي صدا م حسين لكونه حاول اغتيال والده جورج بوش، وذلك في أو ل اجتماع للحكومة بعدما أصبح بوش الإبن رئيساً للجمهورية، أي قبل ثلاث سنوات من الغزو الأميركي للعراق. أما عن السيرة الذاتية التي نشرها الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، فقد حققت له الربح المادي "10 ملايين دولار"، إلا أنها لم تكن بالمستوى المطلوب ولم تشبع رغبة الناس في معرفة حقيقة تفاصيل علاقته الغرامية مع مونيكا لوينسكي، المتدر بة السابقة في البيت الأبيض.
أدباء
يُعتبر الكت اب والأدباء أكثر الأشخاص الذين نجحوا في كتابة مذكراتهم وذلك نظراً الى صدقهم وشفافيتهم في الحديث، فضلاً عن أسلوبهم الأدبي المميز ولغتهم الشعرية الإبداعية. لذا يصعب علينا تحديد أسماء معينة أن اللائحة تطول بدءاً من "اعترافات جان جاك روسو" مؤس س هذا النوع الأدبي وصولاً إلى أندريه جيد وجان بول سارتر ومارغريت يورسونار وناتالي ساروت وغيرهم... وإذا أردنا الحديث عن السيرة الذاتية في العالم العربي فلا بد أن نذكر مباشرة عميد الأدب العربي "طه حسين" الذي جعل من مذكراته "الأيام" عملاً إبداعياً حقيقياً.
"الأيام".. عبارة عن سيرة ذاتية اطلعت عليها مختلف الأجيال في عالمنا العربي، فصارت بمثابة النهر الجارف الذي لا تجف مياهه، والذي يمكننا أن ننهل من جمالياته إن من ناحية اللغة المستخدمة أو العبر الإنسانية التي تتجس د في العصامية والإرادة والإصرار والمثابرة للوصول إلى الهدف المنشود. يسرد طه حسين سيرة أيامه التي عل مته كيف يكون مستعد اً دائماً للمواجهة وسط العواصف التي كانت تعك ر صفو حياته.
طه حسين والأيام..
فتروي "الأنا" بشفافية وصراحة بالغين حياة استثنائية وحكاية صراع مع آلام هذا العالم. يذكر طه حسين في مذكراته تفاصيل طفولته في قريته والحادثة التي أطفأت نور عينيه نتيجة الجهل والفقر ومن ثم الإنتقال إلى الأزهر لتحقيق حلم أبيه وصولاً إلى المرحلة الثانية من حياته أي بعد سفره إلى فرنسا وحصوله على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون وزواجه من السيدة الفرنسية التي وقع في غرامها.
والغريب أن طه حسين استطاع أن يصف الأمكنة التي كان يعيش فيها بدقة وكأنه يراها وذلك لأن حرمانه من نعمة البصر أضاء بصيرته وصار لديه القدرة على رؤية الأشياء بوضوح أكبر. إذاً يعتبر "الأيام" الذي نشر عام 1929 تحفة طه حسين لا بل تحفة الأدب العربي كل ه لكونه ينطوي على معنى الأمثولة الذاتية التي تتحو ل إلى مثال حي لقدرة الإنسان على صنع المعجزة في حال تسل ح بالقو ة والعلم والإصرار والعزيمة والإيمان بمبدئه وهدفه وذلك بلغة أنيقة وأسلوب رشيق وجرأة واضحة.
فنانون
لا يختلف اثنان على أن ه من أهم المذكرات التي قد مها فنانون على الإطلاق كانت تلك التي كتبها الممثل الشهير مارلون براندو في عامه السبعين. فقد حققت مبيعات كثيرة ليس فقط لأن ها تعود للممثل المبدع الذي عد ل قوانين "الفن السابع" ولا لأنها تتضمن أسرار الممثل الأكثر وسامة في تاريخ هوليوود وصاحب أكبر النزوات الغرامية فحسب، بل لأنها اتصفت بالصدق والأمانة والجرأة إلى حد أنه قيل فيها: "إنها سيرة مارلون براندو الفظ ة . "دون كوريليوني في "العراب" أو الكولونيل كورتير في "الرؤيا الآن" ظهر في مذك راته بشخصية مارلون براندو الحقيقية دون أي تزييف أو تبجيل. كتب عن حياته الخاصة، طفولته المحط مة، دراسته العسكرية، نجوميته الخارقة، وعن نضاله الأبدي ضد مجتمع مبني على أساس الطبقية والعنصرية وحلمه بأن يعيش العالم بحري ة ومساواة فضلاً عن آرائه السياسية التي صدمت "أميركا" الصارمة آنذاك.
أم ا الفصل الأهم في سيرة براندو فهي تتمثل في سرده المفص ل لعلاقاته الغرامية مع أجمل وأشهر سيدات العالم أمثال مارلين مونرو، بريجيت باردو، وكذلك زواجه من السيدة التاهيتية التي غي رت مجرى حياته. وقد اختار براندو أن يروي في مذكراته كل شيء دون أن يد خر أي معلومة أو يخجل من أي موقف. فيذكر في كتابه "براندو" إدمانه زيارة الأطب اء النفسيين بعد تحقيقه النجومية الكبرى وكيف اكتشفً أن الطبيب الماهر الذي عالجه كان براندو نفسه لأنه آمن بعد البحث والتدقيق أن الإنسان هو طبيب نفسه. كما يتطر ق إلى موضوع المعجبات التي كن يحلمن بلقائه والزواج به إلى حد أنه شك ل حالة نفسية مرضية أصابت معجبيه حتى سم ى الأطباء النفسيون الهوس بنجوم السينما بال brandonisme تيم ناً ببراندو الذي عشقته المعجبات إلى حد الجنون. مذك رات براندو كشفت أسراراً كثيرة وكانت مثيرة وحيوية وجميلة تماماً كصاحبها ذي النظرة المغناطيسية والجاذبية المميزة والصوت الرخيم.
مشاهير هوليوود في الصغر...
صور المشاهير في الصغر..
صور مشاهير هوليوود مع وبدون الماكياج!!
المشاهير في سن الشيخوخة...
المشاهير وعمليات التجميل
بيوت المشاهير...
أكثر المشاهير ثراءً...
الأغنية العربية ما بين الصفة الإجتماعية والظاهرة الجسدية!!
