دخل عالم الأزياء دون ان يطرق بابه!

دخل عالم الازياء دون ان يطرق بابه، لانه اتقنه دون ان يتعلم الموضوع، عشق الفن وقدر فرادة المرأة منذ نعومة أظافره، وأراد أن يرسم البسمة على وجهها بأن يلبسها حلة تقول مخاطبة إياها " هيا انظري الى مرآتك بفخر وابتسمي فأنت اميرة زمانك"، ذاك هو الشاب ساهر عوكل (22 عاما) ابن مدينة الناصرة، الذي أبدى تميزا وتألقا نادرين رغم حداثة سنه .

المصمم الشاب ساهر عوكل..

اطلعنا على المجموعة القيمة التي انتجها ساهر، والتي يعتبرها عالما قائما بحد ذاته، وتمكن بمجهوده الذاتي ان يجعل منها مجسمات لحصيلة افكاره.بدأت قصة عاشق الفن والمرأة ساهر عوكل منذ جيل الثامنة عشرة ،انطلاقا من حبه للفن اولا، وانطلاقاً من حبه لمراضاة المرأة والتخفيف من أحزانها ثانيا، خاصة بعد ان شاهد معاناة والدته التي اضحت ارملة وهي في ريعان شبابها لتتحمل عبء تربية خمسة اطفال على كاهلها.شعر ساهر بكل مكنوناتها الوجدانية وفهم مجمل احزانها واحس بحرقة دموعها التي ذرفتها بسخاء على فراق زوجها الغالي.

شرع باختيار الاقمشة المميزة وعمل على قصها وتنسيقها بشكل يدوي حتى قبل ان يحصل على ماكنة للخياطة، وكان مفعول ابرة الخياطة الصغيرة اقوى من مفعول الماكنة، الامر الذي ادهش كل من حوله نظرا لصغر سنه، ونظرا لانه لم يتعلم الموضوع.حاول الباس ما صنعت يديه لوالدته ولاخواته فترددن ان يفعلن هذا، ربما يعود السبب لخطوط ساهر الواضحة والجريئة، في الوقت الذي اعتادت فيه غالبية الناس ارتداء الملابس التقليدية.

الا ان زميلات ساهر في المدرسة وصديقاته لم يمانعن من ارتداء الملابس التي لفتت الانظار وخلفت وراءها أصداء مميزة، اكدت على عبقرية الشاب.

طمع عوكل في السفر إلى ايطاليا لدراسة موضوع الأزياء.. نام في الشارع من اجل تحقيق الحلم...

من تصاميم ساهر الرائعة..

لم يكن يملك من النقود سوى ما يمنح له فرصة البقاء مدة اربعة شهور لا اكثر، الا انه اخذ على عاتقه السفر وتحمل نتائح المغامرة وانتمى الى احدى كليات الازياء وعمل هناك، وبما ان النقود التي تقاضاها لم تكن تكفي لتسديد الاقساط ولا لتسديد ايجار الغرفة او شراء الضروريات، فقد اضطر عوكل الى النوم في الشارع، ريثما تتحسن الاحوال، لكن للاسف... الاحوال لم تتحسن فعاد مقهوراً الى موطنه، لكن دون ان يفقد الأمل.والتقى اثر عودته بشاب ثري منحه فرصة العمل معه على أن يتم شراء الاقمشة واخاطتها في الأردن، وهذا ما حدث، الا ان عوكل شعر بالإحباط مجددا لأنه رفض أن يقدم له المشروع على طبق من ذهب، ولانه يريد ان يخوض معركة نضالية وصولا الى الهدف المنشود والا فلن يرضي غروره ما هو اقل من ذلك.

انفصل عن زميله واشترى ماكنة حياكة خاصة به،ومن هنا كانت له انطلاقة اخرى، حيث تخطت الازياء زميلات الدراسة وصولا الى سيدات مجتمع من الوسط العربي والغربي، لفتت اعماله انظارهن فتوجهن اليه، وفوجئن بأن الشاب يصمم اكسسوارات ايضاً، يستعمل فيها خامات تتداخل فيها الفضيات مع أصداف البحر والأحجار الكريمة، اضافة الى المعادن التي لم يستخدمها كاسسوارات فقط، بل عمل على دمجها مع الالبسة لتشكل ياقة الثوب مثلاً وأكمامه كذلك

امتازت أقمشة وألوان وتصاميم ملابس واكسسوارات عوكل بفرادة تسببت في اختطاف غالبية ما صنع من قبل السيدات، خاصة انه تعمد الا يقلد او يعيد ما صنع، كيف تشعر كل من تضع الحلة او الثوب بأن ليس لها شبيهة، خاصة انه يهتم بالجلوس مع الشخصية صاحبة الثوب او الاكسسوار خشية ان يضيع التناسق ما بين شخصيتها وما ترتدي.يميل عوكل الى الازياء والاكسسوارات الشرقية الضخمة غجرية الطابع، والى الالوان البارزة وكثافة الاقمشة والى دمجها مع الاسلوب الغربي، لينتج خليط يشعر الرائي من حيث ما كان ان الزي ات من بلاده.

احب ساهر التطريز الفلسطيني فشد انتباهه لتصميم بعض القطع الجميلة والعملية في الوقت ذاته، كالمحفظات، وبيوت علب السجائر، اضافة الى عمله على حرق اخشاب الزيتون وانتاج الاشكال الفنية الجميلة.هذا اضافة الى رسوماته التي وضعت في بعض المؤلفات المخصصة للاطفال.ينوي هذا الشاب اليوم اعادة أجرة السفر إلى ايطاليا ، بلد الاحلام."ولم ولن اتنازل عن هدفي" يقول ساهر وهو يضرب المنضدة بقبضة يده تعبيرا عن الإصرار.